.
هُنَاكَ بِالخَفَاءِ خَلْفَ ظَلامِ الزَوَايَا وَ بَيْنَ الخَبَايَا تَخْتَبِئُ
, لِتَنْسِجَ خُيُوْطَ عَنْكَبُوْتٍ تَحْجِبُ بِهَا الحَقَائِقَ , وَ مِنْ أمَامِيَ تَظْهَرُ بِغَيْرِ مَا تُبْطِنُ
خَلْفَ أسْوَارِ قَلْبِهَا الصَدِئ.
رَفِيْقَةٌ رُبَمَا كَانَتْ رَفِيْقَةٌ تَهْوَى خَلْقَ الأشيَاءِ مِنْ عَدَم
, تَهْوَى إبْهَامَ الحَقَائِقِ بِرَسَائِلٍ مَكْتُوبَةٍ بِحِبْرٍ عَفِنٍ عَطِنٍ ,
مُعَلَّقَةٌ تِلْكَ الرَسَائِلُ السوْدَاوِيَّةُ عَلَى سَاقِ غُرَابٍ يَجُوْبُ السَّمَاء
, مِنْ وَكْرٍ لآخَرَ يَنْتَقِلُ بِخَفَاءٍ كَسَاعِي بَرِيْدٍ لَفِظَتْهُ أرَاضِي النَّقَاء
, يَضَعُ مَرَاسِيلَ الافْتِرَاءِ بِعُمْقِ أعْشَاشِ الظُّنُوْنِ السَيِئَة .
رَفِيْقَةٌ رُبَمَا; تَهْوَى قَذْفَ الأشجَارِ المُثْمِرَةِ افْتِرَاضًا مِنْهَا
بِسُقُوْطِ مَحْصُوْلِهَا نَيْلاً مِنْهَا , يَسْكُنُهَا أشْبَاحُ حَسَدٍ وَ حِقْدٍ
قَدْ عَشَّشَ بِدَاخِلِهَا أمَدَا, تَنْطِقُ كَذِبًا وَ زُوْرَا, وَ تَبْنِي أمَامَ
الجَمِيْعِ سُوْرَا.
إشَاعَةٌ تَتْلُوْهَا إشَاعَة , وَ قَوْلٌ تَنْطِقَهُ بِغَيْرِ حَق , لا تَقُوْلُ
إلاَّ ثُبُوْرَا , تِلْكَ الرَفِيْقَةُ القَرِيْبَةُ مَنْ لَهَا بِعُمْقِي مِنَ الحُبِّ
بَيْتًا مَعْمُوْرَا , تَضْرِبُ الرُّوْحَ بِسَوْطِ الافْتِرَاءِ جُوْرَا , وَيْحُهَا
أمَاتَت الصَدَاقَةُ فِيْهَا , وَيْحُهَا أتَرْمِيْنِي بِأقْوَالٍ تَزْعُمُهَا بِشَرَر
, فَتَلْتَفُ بِيَ الشَائِعَاتُ مِنْ كُلِّ حَدْبٍ وَ صَوْب, حَتَّى غَدَوْتُ كَالمَسْجُوْنَةِ
وَ الكُلُّ مِنْ حَوْلِي يُغَادِر, أيَرْحَلُوْنَ أمْ أنَا التي لَمْ أعُد بِمَوْجُوْدَة,
كُلُّ مَا حَوْلِي تَغَيَّر, عُيُوْنُهُم مَا عَادَت تَرَانِي, أيُعْقَلُ أنَّنِي تَقَلَصْتُ لِدَرَجَةٍ مَا عَادَت
العَيْنُ المُجَرَّدَةُ بِقَادِرَةٍ عَلَى رُؤْيَتِي , لِمَا أصْبَحَت لَوْحَةُ الدُّنْيَا
بِعَيْنِي مُشَوَّشَة , وَ ضَبَابِيَّةُ الرُؤْيَا تَجْعَلُنِي أتَعَثَّرُ أسْقُطُ
وَ أُجْرَحُ وَ لا أجِدُ ضِمَادًا لِنَزْفِ جُرُوْحِيَ القَادِمَةِ مِنْ أقْرَبِ النَّاسِ
إليَّ, أ أبْقَى أمْ أرْحَل, مَا عَادَت الدُّنْيَا تُغْرِيْنِي بِشَيء.
كُلُّ الأفْوَاهِ كَاذِبَة , كُلُّ الأصْوَاتِ مُزْعِجَة , كَمْ مِن رُصَاصَةٍ
قَدْ أصَابَت القَلْبَ عُنْوَةً وَ بِلا أيِّ رَحْمَة , كَمْ مِن أحَادِيْثٍ سَوْدَاوِيَّةِ
اللوْنِ بِي قَدْ تَعَلَّقَت.
كَلِمَاتٌ, أصْوَاتٌ ,إشَاعَاتٌ , وَ رَفِيْقَةٌ جَعَلَتْ مِنِّي بَاحِثَةً
عَنْ مُحَرَّمَاتِ العَلاقَات , وَ هِيَ الأكْثَرُ عِلْمًا أنَّنِي مُتَرَفِعَةٌ عَن
هَذِهِ المُسْتَنْقَعَاتِ المَوْبُوْءَةِ بِالرَذَائِل, وَ لَمْ أسْقُطْ بِوَحْلِهَا
يَوْمًا, جَعَلَت مِنِّي امْرَأةً عَارِيَةً مِنْ كُلِّ فَضِيْلَة , لِتَحْجِبَ عَنِّي
رَجُلاً أرَادَنِي أمًّا لأبْنَائِه , وَ طَمِعَت هِيَ بِهِ زَوْجًا, فَأعْمَاهَا الحَسَدُ
فَقَذَفَتْنِي بِمُفْتَرَيَاتٍ وَ أدَت بِهَا حُلُمِي, فَرَحَلَ وَ رَحَلَ الجَمِيْعُ
بَعِيْدًا عَنِّي, مَا بَالُ الحَيَاةِ غَدَتْ صَنَادِيْقَ ضَيِّقَة , وَ مَا بَالِي
حُشِرْتُ بِصُنْدُوْقٍ أسْوَدٍ وَغَدَوْتُ وَحْدِي , وَ النَّدَمُ مَن يُرَافِقُ صَمْتِي
لأنَّنِي لَمْ أُدْرِك سَوْءَةَ فِعْلِهَا إلاَّ بَعْدَمَا اخْتَنَقَ القَلْبُ مِنْ
أبْخِرَةِ الشَائِعَات , وَ لَمْ أذُوْد عَنِّي بِشَيءٍ لأنَّنِي بَنَيْتُ لَهَا بِالقَلْبِ
مِنَ الحُبِّ مَنَازِل.
مُغَادَرَة:
نَحْنُ بِحَاجَةٍ لاقْتِنَاءِ مَجَاهِيْرَ حُسْنَ الظَّنِ المُتَوَفِّرَةِ
فِي أسْوَاقِ النَّوَايَا الحَسَنَة.
دُوِّنَت بِحِيْنِهَا
24-1-1433 هـ
.